كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وَأَمَّا لُوقَا فَلَمْ يَقُلْ: إِنَّ النِّسَاءَ اللَّوَاتِي جِئْنَ لِافْتِقَادِ الْقَبْرِ هُنَّ الثَّلَاثُ اللَّوَاتِي ذَكَرَهُنَّ مُرْقُسُ، وَلَا الثِّنْتَانِ اللَّتَانِ اقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا مَتَّى، بَلْ ذَكَرَ أَنَّهُنَّ نِسَاءٌ كُنَّ جِئْنَ مِنَ الْجَلِيلِ مَعَ يُوسُفَ الَّذِي دَفَنَ يَسُوعَ، وَنَظَرْنَ الْقَبْرَ وَالدَّفْنَ. وَأَنَّهُنَّ جِئْنَ أَوَّلَ الْفَجْرِ، لَا عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، كَمَا قَالَ مُرْقُسُ، وَأَنَّهُنَّ وَجَدْنَ الْحَجَرَ مُدَحْرَجًا فَدَخَلْنَ الْقَبْرَ، وَلَمْ يَجِدْنَ الْجَسَدَ فِيهِ، وَلَمْ يَقُلْ إِنَّهُنَّ وَجَدْنَ شَابًّا فِيهِ عَنِ الْيَمِينِ، كَمَا قَالَ مُرْقُسُ، وَلَا الْمَلَكَ عَلَى الْحَجَرِ خَارِجَهُ، كَمَا قَالَ مَتَّى. بَلْ قَالَ إِنَّهُنَّ بَيْنَمَا كُنَّ مُتَحَيِّرَاتٍ إِذَا رَجُلَانِ وَقَفَا بِهِنَّ بِثِيَابٍ بَرَّاقَةٍ، وَقَالَا لَهُنَّ: لِمَاذَا تَطْلُبْنَ الْحَيَّ بَيْنَ الْأَمْوَاتِ (وَهَذَا تَعْبِيرٌ قَدْ يُؤَيِّدُ قَوْلَ مَنْ قَالُوا: إِنَّهُ لَمْ يَمُتْ وَذَكَّرَهُنَّ بِقَوْلِهِ: إِنَّهُ يُسَلَّمُ وَيُصْلَبُ وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ. وَلَمْ يَأْمُرْهُنَّ بِإِخْبَارِ التَّلَامِيذِ بِأَنْ يَسْبِقُوهُ إِلَى الْجَلِيلِ، وَأَنَّهُمْ هُنَاكَ يَرَوْنَهُ، كَمَا قَالَ مَتَّى وَمُرْقُسُ، وَقَالَ: إِنَّهُنَّ رَجَعْنَ وَأَخْبَرْنَ الْأَحَدَ عَشَرَ وَجَمِيعَ الْبَاقِينَ بِهَذَا كُلِّهِ) فَخَالَفَ مُرْقُسَ الَّذِي قَالَ: إِنَّهُنَّ لَمْ يَقُلْنَ شَيْئًا. وَقَالَ: إِنَّ هَؤُلَاءِ النِّسْوَةَ هُنَّ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَبُونَا وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ وَالْبَاقِيَاتُ مَعَهُنَّ. وَإِنَّ التَّلَامِيذَ وَجَمِيعَ الْبَاقِينَ لَمْ يُصَدِّقُوهُنَّ؛ إِذْ تَرَاءَى لَهُمْ كَلَامُهُنَّ كَالْهَذَيَانِ.
ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ (أَيْ يَسُوعُ) مَشَى مَعَ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ كَانَا مُنْطَلِقَيْنِ إِلَى قَرْيَةِ عَمْوَاسَ، وَهِيَ عَلَى 60 غَلْوَةً مِنْ أُورْشَلِيمَ (خِلَافًا لِمُرْقُسَ الَّذِي قَالَ: لِاثْنَيْنِ مُنْطَلِقَيْنِ إِلَى الْبَرِّيَّةِ) وَقَالَ: إِنَّ أَعْيُنَهُمَا أُمْسِكَتْ عَنْ مَعْرِفَتِهِ، وَأَنَّهُمَا ذَكَرَا قِصَّتَهُ، وَأَنَّهُ كَانَ إِنْسَانًا نَبِيًّا وَأَنَّهُ وَبَّخَهُمَا وَوَصَفَهُمَا بِالْغَبَاوَةِ وَبُطْءِ الْقُلُوبِ فِي الْإِيمَانِ، وَأَنَّهُمَا ضَيَّفَاهُ فِي الْقَرْيَةِ، وَأَنَّهُ لَمَّا اتَّكَأَ مَعَهُمَا وَأَخَذَ خُبْزًا وَبَارَكَ وَكَسَرَ وَنَاوَلَهُمَا، انْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا، فَعَرَفَاهُ، ثُمَّ اخْتَفَى عَنْهُمَا، وَأَنَّهُمَا فِي تِلْكَ السَّاعَةِ رَجَعَا إِلَى أُورْشَلِيمَ وَوَجَدَا الْأَحَدَ عَشَرَ (هَكَذَا مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُمَا مِنْهُمْ فَيَكُونُ الْبَاقِي تِسْعَةً) مُجْتَمِعِينَ هُمْ وَالَّذِينَ مَعَهُمْ، وَيَقُولُونَ: إِنَّهُ ظَهَرَ لِسَمْعَانَ. فَأَخْبَرَاهُمْ خَبَرَهُمَا. وَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ ظَهَرَ لَهُمْ، وَأَكَلَ مَعَهُمْ.
وَأَمَّا يُوحَنَّا فَقَدْ خَالَفَ الثَّلَاثَةَ فَذَكَرَ فِي الْفَصْلِ (20) أَنَّ مَرْيَمَ الْمَجْدَلِيَّةَ جَاءَتْ إِلَى الْقَبْرِ بَاكِرًا، وَالظَّلَامُ بَاقٍ، فَنَظَرَتِ الْحَجَرَ مَرْفُوعًا، فَرَكَضَتْ إِلَى سَمْعَانَ بُطْرُسَ وَإِلَى التِّلْمِيذِ الْآخَرِ الَّذِي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ، وَقَالَتْ لَهُمَا: أَخَذُوا السَّيِّدَ مِنَ الْقَبْرِ. فَرَكَضَا إِلَى الْقَبْرِ، وَدَخَلَا فِيهِ؛ فَرَأَيَا الْأَكْفَانَ مَوْضُوعَةً، وَكَانَتْ مَرْيَمُ تَبْكِي خَارِجَ الْقَبْرِ، ثُمَّ انْحَنَتْ إِلَى الْقَبْرِ فَنَظَرَتْ مَلَكَيْنِ جَالِسَيْنِ؛ وَاحِدًا عِنْدَ الرَّأْسِ، وَالْآخَرَ عِنْدَ الرِّجْلَيْنِ، وَبَعْدَ الْكَلَامِ مَعَهُمَا عَنْ سَبَبِ بُكَائِهَا، الْتَفَتَتْ إِلَى الْوَرَاءِ، فَنَظَرَتْ يَسُوعَ وَاقِفًا فَلَمْ تَعْرِفْهُ، وَظَنَّتْ أَنَّهُ الْبُسْتَانِيُّ، ثُمَّ تَعَرَّفَ إِلَيْهَا، وَأَمَرَهَا أَنْ تُخْبِرَ التَّلَامِيذَ بِقَوْلِهِ إِنِّي صَاعِدٌ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلَهِي وَإِلَهِكُمْ فَأَخْبَرَتْهُمْ.
ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ التَّلَامِيذَ كَانُوا مُجْتَمِعِينَ عَشِيَّةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَالْأَبْوَابُ مُغْلَقَةً، خَوْفًا مِنَ الْيَهُودِ، فَجَاءَ يَسُوعُ وَوَقَفَ فِي الْوَسَطِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ. وَأَنَّ تُومَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ فَظَهَرَ لَهُ بَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ، ثُمَّ ذَكَرَ فِي الْفَصْلِ (21) أَنَّهُ أَظْهَرَ نَفْسَهُ لِلتَّلَامِيذِ عَلَى بَحْرِ طَبَرِيَّةَ فَلَمْ يَعْرِفُوهُ أَوَّلًا، ثُمَّ اصْطَادُوا سَمَكًا بِأَمْرِهِ وَحَضَرَ غَدَاءَهُمْ.
هَذَا مُلَخَّصُ دَعْوَى قِيَامِ يَسُوعَ مِنَ الْقَبْرِ بِرِوَايَةِ الْأَنَاجِيلِ الْأَرْبَعَةِ، وَيَرَى الْمُتَأَمِّلُ فِيهَا أَنَّهَا مُتَعَارِضَةٌ مُتَنَاقِضَةٌ. وَمِنَ الْغَرِيبِ أَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ أَحَدٌ مِنْهُمْ، بِأَنَّهُ ظَهَرَ لَهُمْ فِي الْجَلِيلِ، كَمَا نَقَلُوا عَنْهُ وَعَنِ الْمَلَكِ أَوِ الْمَلَكَيْنِ. وَالْقَاعِدَةُ الْأُصُولِيَّةُ فِي الْمُتَعَارِضَيْنِ إِذَا لَمْ يُمْكِنِ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، وَلَا تَرْجِيحُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ أَنْ يُقَالَ: تَعَادَلَا فَتَسَاقَطَا وَبِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ الَّتِي لَا مَنْدُوحَةَ عَنِ الْقَوْلِ بِهَا فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ وَغَيْرِهَا مِنَ التَّعَارُضِ فِي هَذِهِ الْأَنَاجِيلِ- اتِّقَاءَ الْوُقُوعِ فِي التَّرْجِيحِ بِغَيْرِ مُرَجِّحٍ، نَقُولُ: إِنَّ رِوَايَاتِ الْأَرْبَعَةِ سَاقِطَةٌ لَا يُعْتَدُّ بِشَيْءٍ مِنْهَا. فَهَذَا هُوَ بَيَانُ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ مِنْ وَجْهَيِ الْجَوَابِ.
وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّانِي الْمَبْنِيُّ عَلَى احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لِهَذِهِ الدَّعْوَى سَبَبٌ أَوْ أَصْلٌ بُنِيَ عَلَيْهِ؛ فَبَيَانُهُ: أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ شَاعَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَنَّ يَسُوعَ قَدْ قَامَ مِنْ قَبْرِهِ، وَأَنَّهُ رَآهُ بَعْضُ النِّسَاءِ وَبَعْضُ تَلَامِيذِهِ، وَاضْطَرَبَتِ الْأَقْوَالُ فِي ذَلِكَ فَكَتَبَ كُلُّ مُؤَلِّفِ إِنْجِيلٍ مَا سَمِعَهُ، وَأَنْ يَكُونَ سَبَبُ الْإِشَاعَاتِ تَخَيُّلَ مَرْيَمَ الْمَجْدَلَانِيَّةِ الْعَصَبِيَّةِ الْمِزَاجِ (الَّتِي رَوَتْ هَذِهِ الْأَنَاجِيلُ أَنَّ الْمَسِيحَ أَخْرَجَ مِنْهَا سَبْعَةَ شَيَاطِينَ) أَنَّهَا رَأَتِ الْمَسِيحَ وَكَلَّمَتْهُ. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الرُّؤْيَةُ الْخَيَالِيَّةُ اتَّفَقَتْ لِغَيْرِهَا أَيْضًا مِنَ التَّلَامِيذِ أَوْ غَيْرِهِمْ بَعْدَ أَنْ سَمِعُوهَا مِنْهَا، وَمِثْلُ هَذَا يَقَعُ كَثِيرًا، كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ بِالشَّوَاهِدِ.
وَأَمْثَالُ هَؤُلَاءِ الْعَامَّةِ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْخَيَالِ. أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ يَرْوُونَ أَنَّ الْمَسِيحَ وَبَّخَهُمْ عَلَى غَبَاوَتِهِمْ، وَضَعْفِ إِيمَانِهِمْ بَعْدَ أَنْ كَانُوا عَاشَرُوهُ زَمَنًا رَأَوْا فِيهِ مَا أَيَّدَهُ اللهُ تَعَالَى بِهِ مِنَ الْآيَاتِ، أَوَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ مَا كَانَ بَعْضُهُمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا. بَلْ يَتَّهِمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِالْكَذِبِ وَالْهَذَيَانِ، وَأَنَّهُمْ لِضَعْفِهِمْ تَرَكُوا نَبِيَّهُمْ وَقْتَ الشِّدَّةِ، وَأَنْكَرَهُ أَمْثَلُهُمْ، وَارْتَشَى عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ. فَأَمْثَالُ هَؤُلَاءِ الصَّيَّادِينَ وَالنِّسَاءِ، لَا يُسْتَغْرَبُ مِنْهُمْ عَدَمُ التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْخَيَالِ، وَطَالَمَا وَقَعَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي حَالِ الِانْفِعَالَاتِ الْعَصَبِيَّةِ لِلنَّاسِ، كَالْحُزْنِ وَالْخَوْفِ وَالْعِشْقِ، يَتَرَاءَى لِلْإِنْسَانِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ شَخْصٌ يُكَلِّمُهُ زَمَنًا طَوِيلًا أَوْ قَصِيرًا كَمَا يَحْصُلُ فِي الرُّؤَى وَالْأَحْلَامِ. وَبَعْضُهُمْ يَعُدُّ هَذَا مِنْ رُؤْيَةِ الْأَرْوَاحِ، وَقَدْ رَاجَتْ سُوقُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي أُورُبَّةَ فِي هَذَا الْعَصْرِ حَتَّى صَارُوا يَزْعُمُونَ أَنَّ فِيهِمْ مَنْ يَسْتَحْضِرُ الرُّوحَ، وَكَانَ هَذَا مَعْرُوفًا فِي الزَّمَنِ السَّابِقِ؛ وَلِذَلِكَ احْتَرَسَ عَنْهُ بَعْضُ مُؤَلِّفِي هَذِهِ الْأَنَاجِيلِ، فَقَالَ: إِنَّهُ لَمَّا ظَهَرَ لَهُمْ خَافُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ يَرَوْنَ رُوحًا، فَنَفَى هُوَ ذَلِكَ.
وَقَدْ كُنَّا بَيَّنَّا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِنَا (الْحِكْمَةُ الشَّرْعِيَّةُ فِي مُحَاكَمَةِ الْقَادِرِيَّةِ وَالرِّفَاعِيَّةِ) الَّذِي أَلَّفْنَاهُ فِي زَمَنِ التَّحْصِيلِ. وَمِمَّا قُلْنَاهُ فِيهِ: إِنَّ الصُّوفِيَّةَ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ رُؤْيَةِ الْأَرْوَاحِ وَالرُّؤْيَةِ الْخَيَالِيَّةِ. وَمِمَّا أَوْرَدْنَاهُ عَنْ صَاحِبِ كِتَابِ الذَّهَبِ الْإِبْرِيزِ مِنَ الْقِسْمِ الثَّانِي: وَاقِعَةٌ جَرَتْ فِي بَلَدِهِمْ (فَاسَ) قَالَ: أَخْبَرَنِي بَعْضُ الْجَزَّارِينَ أَنَّهُ مَاتَ لَهُ وَلَدٌ كَانَ يُحِبُّهُ كَثِيرًا، وَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ شَخْصُهُ فِي فِكْرِهِ حَتَّى إِنَّ عَقْلَهُ وَجَوَارِحَهُ كَانَتْ كُلُّهَا مَعَهُ، فَكَانَ هَذَا دَأْبَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا إِلَى أَنْ خَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ إِلَى بَابِ الْفُتُوحِ أَحَدِ أَبْوَابِ فَاسَ حَرَسَهَا اللهُ تَعَالَى لِشِرَاءِ الْغَنَمِ عَلَى عَادَةِ الْجَزَّارِينَ، فَجَالَ فِكْرُهُ فِي أَمْرِ وَلَدِهِ الْمَيِّتِ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَجُولُ فِكْرُهُ فِيهِ إِذْ رَآهُ عِيَانًا وَهُوَ قَادِمٌ إِلَيْهِ حَتَّى وَقَفَ إِلَى جَنْبِهِ. قَالَ فَكَلَّمْتُهُ وَقُلْتُ لَهُ: يَا وَلَدِي خُذْ هَذِهِ الشَّاةَ- لِشَاةٍ اشْتَرَيْتُهَا- حَتَّى أَشْتَرِيَ أُخْرَى، وَقَدْ حَصَلَتْ غَيْبَةٌ قَلِيلَةٌ عَنْ حِسِّي، فَلَمَّا سَمِعَنِي مَنْ كَانَ قَرِيبًا أَتَكَلَّمُ مَعَ الْوَلَدِ، قَالُوا: مَعَ مَنْ تَتَكَلَّمُ أَنْتَ؟ فَلَمَّا كَلَّمُونِي رَجَعْتُ إِلَى حِسِّي، وَغَابَ الْوَلَدُ عَنْ بَصَرِي، فَلَا يَدْرِي مَا حَصَلَ فِي بَاطِنِي مِنَ الْوَجْدِ عَلَيْهِ إِلَّا اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى. اهـ.
وَمَا كُلُّ مَا يَقَعُ لَهُ مِثْلُ هَذَا يَعْلَمُ أَنَّ هَذِهِ رُؤْيَةٌ خَيَالِيَّةٌ كَالرُّؤْيَةِ الْمَنَامِيَّةِ، وَإِنَّنِي أَعْرِفُ امْرَأَةً كَبِيرَةَ السِّنِّ مِنْ أَهْلِ بَلَدِنَا (الْقَلَمُونِ) كَانَتْ دَائِمًا تَرَى الْمَوْتَى، وَتُخَاطِبُهُمْ، وَتَأْنَسُ بِخِطَابِهِمْ تَارَةً، وَيَظْهَرُ عَلَيْهَا الِانْقِبَاضُ أُخْرَى. وَكَانَ أَكْثَرُ حَدِيثِهَا مَعَ أَخٍ لَهَا مَاتَ غَرِيقًا. وَكُنْتُ أَجْزِمُ أَنَا، وَكُلُّ مَنْ عَرَفَهَا، بِأَنَّهَا غَيْرُ كَاذِبَةٍ وَلَا مُتَصَنِّعَةٍ. بَلْ كَانَتْ هَائِمَةً فِي ذَلِكَ، وَلَا تُبَالِي بِشَيْءٍ.
وَلَا يَغُرَنَّ الْعَاقِلَ انْتِشَارُ أَمْثَالِ هَذِهِ الشَّائِعَاتِ بَيْنَ الْعَامَّةِ، وَجَعْلِهَا مِنَ الْقَضَايَا الْمُسَلَّمَةِ، فَإِنَّ هَذَا مَعْهُودٌ فِي النَّاسِ فِي كُلِّ عَصْرٍ، وَقَدْ بَيَّنَهُ الْفَيْلَسُوفُ الْعَالِمُ الِاجْتِمَاعِيُّ غوستاف لوبون الْفَرَنْسِيُّ بَيَانًا عِلْمِيًّا فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ كِتَابِهِ (رُوحُ الِاجْتِمَاعِ) وَمِمَّا قَالَهُ فِي بَيَانِ قَابِلِيَّةِ الْجَمَاعَاتِ لِلتَّأَثُّرِ وَالتَّصْدِيقِ وَانْخِدَاعِ الْفِكْرِ مَا يَأْتِي مُلَخَّصًا:
إِنَّ سُرْعَةَ تَصْدِيقِ الْجَمَاعَةِ لَيْسَ هُوَ السَّبَبَ الْوَحِيدَ فِي اخْتِرَاعِ الْأَقَاصِيصِ الَّتِي تَنْتَشِرُ بَيْنَ النَّاسِ بِسُرْعَةٍ. بَلْ لِذَلِكَ سَبَبٌ آخَرُ، وَهُوَ التَّشْوِيهُ الَّذِي يَعْتَوِرُ الْحَوَادِثَ فِي مُخَيِّلَةِ الْمُجْتَمِعِينَ؛ إِذْ تَكُونُ الْوَاقِعَةُ بَسِيطَةً لِلْغَايَةِ فَتَنْقَلِبُ صُورَتُهَا فِي خَيَالِ الْجَمَاعَةِ بِلَا إِبْطَاءٍ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ تُفَكِّرُ بِوَاسِطَةِ التَّخَيُّلَاتِ، وَكُلُّ تَخَيُّلٍ يَجُرُّ إِلَى تَخَيُّلَاتٍ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَدْنَى عَلَاقَةٍ مَعْقُولَةٍ.
وَلَقَدْ كَانَ يَجِبُ تَعَدُّدُ صُوَرِ التَّشْوِيشِ الَّتِي تُدْخِلُهَا الْجَمَاعَةُ عَلَى حَادِثَةٍ شَاهَدَتْهَا، وَتَنَوُّعُ تِلْكَ الصُّوَرِ؛ لِأَنَّ أَمْزِجَةَ الْأَفْرَادِ الَّذِينَ تَتَكَوَّنُ هِيَ مِنْهُمْ مُخْتَلِفَةٌ مُتَبَايِنَةٌ بِالضَّرُورَةِ، لَكِنَّ الْمُشَاهَدَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَالتَّشْوِيشُ وَاجِبٌ عِنْدَ الْكُلِّ بِعَامِلِ الْعَدْوَى؛ لِأَنَّ أَوَّلَ تَشْوِيشٍ تَخَيَّلَهُ وَاحِدٌ مِنَ الْجَمَاعَةِ يَكُونُ كَالْخَمِيرَةِ تَنْتَشِرُ مِنْهُ الْعَدْوَى إِلَى الْبَقِيَّةِ. فَقَبْلَ أَنْ يَرَى جَمِيعُ الصَّلِيبِيِّينَ الْقِدِّيسَ جُورْجَ فَوْقَ أَسْوَارِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، كَانَ بِالطَّبْعِ قَدْ تَخَيَّلَهُ أَحَدُهُمْ أَوَّلًا فَمَا لَبِثَ التَّأَثُّرُ وَالْعَدْوَى أَنْ مَثَّلَاهُ لِلْبَقِيَّةِ جِسْمًا مَرْئِيًّا.
هَكَذَا وَقَعَتْ جَمِيعُ التَّخَيُّلَاتِ الْإِجْمَاعِيَّةِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي رَوَاهَا التَّارِيخُ، وَعَلَيْهَا كُلِّهَا مَسْحَةُ الْحَقِيقَةِ لِمُشَاهَدَتِهَا مِنَ الْأُلُوفِ الْمُؤَلَّفَةِ مِنَ النَّاسِ.
وَلَا يَنْبَغِي فِي رَدِّ مَا تَقَدَّمَ الِاحْتِجَاجُ بِمَنْ كَانَ بَيْنَ تِلْكَ الْجَمَاعَاتِ مِنْ أَهْلِ الْعَقْلِ الرَّاجِحِ وَالذَّكَاءِ الْوَافِرِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لِتِلْكَ الصِّفَةِ فِي مَوْضُوعِنَا؛ إِذِ الْعَالِمُ وَالْجَاهِلُ سَوَاءٌ فِي عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى النَّظَرِ وَالتَّمْيِيزِ مَا دَامُوا فِي الْجَمَاعَةِ، وَرُبَّ مُعْتَرِضٍ يَقُولُ:
إِنَّ تِلْكَ سَفْسَطَةٌ لِأَنَّ الْوَاقِعَ غَيْرُ ذَلِكَ، إِلَّا أَنَّ بَيَانَهُ يَسْتَلْزِمُ سَرْدَ عَدَدٍ عَظِيمٍ مِنَ الْحَوَادِثِ التَّارِيخِيَّةِ، وَلَا يَكْفِي لِهَذَا الْعَمَلِ عِدَّةُ مُجَلَّدَاتٍ، غَيْرَ أَنِّي لَا أُرِيدُ أَنْ أَتْرُكَ الْقَارِئَ أَمَامَ قَضَايَا لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا، وَلِذَلِكَ سَآتِي بِبَعْضِ الْحَوَادِثِ أَنْقُلُهَا بِلَا انْتِقَاءٍ مِنْ بَيْنِ الْأُلُوفِ مِنَ الْحَوَادِثِ الَّتِي يُمْكِنُ سَرْدُهَا.
وَأَبْدَأُ بِرِوَايَةِ وَاقِعَةٍ مِنْ أَظْهَرِ الْأَدِلَّةِ فِي مَوْضُوعِنَا؛ لِأَنَّهَا وَاقِعَةُ خَيَالٍ اعْتَقَدَتْهُ جَمَاعَةٌ ضَمَّتْ إِلَى صُفُوفِهَا مِنَ الْأَفْرَادِ صُفُوفًا وَأَنْوَاعًا مَا بَيْنَ جَاهِلٍ غَبِيٍّ، وَعَالَمٍ أَلْمَعِيٍّ، رَوَاهَا عَرَضًا رُبَّانُ السَّفِينَةِ (جُولْيَانُ فِيلِيكْسَ) فِي كِتَابِهِ الَّذِي أَلَّفَهُ فِي مَجَارِي مِيَاهِ الْبَحْرِ، وَسَبَقَ نَشْرُهَا فِي (الْمَجَلَّةِ الْعِلْمِيَّةِ) قَالَ:
كَانَتِ الْمُدَرَّعَةُ (بِيلْ بُولْ) تَبْحَثُ فِي الْبَحْرِ عَنْ بَاخِرَةٍ (بِيرْسُو) حَيْثُ كَانَتْ قَدِ انْقَطَعَتْ عَنْهَا بِعَاصِفَةٍ شَدِيدَةٍ، وَكَانَ النَّهَارُ طَالِعًا، وَالشَّمْسُ صَافِيَةً، وَبَيْنَمَا هِيَ سَائِرَةٌ إِذَا بِالرَّائِدِ يُشِيرُ إِلَى زَوْرَقٍ يُسَاوِرُهُ الْغَرَقُ، فَشَخَصَ رِجَالُ السَّفِينَةِ إِلَى الْجِهَةِ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا، وَرَأَوْا جَمِيعًا مِنْ عَسَاكِرَ وَضُبَّاطٍ زَوْرَقًا مَشْحُونًا بِالْقَوْمِ، تَجُرُّهُ سُفُنٌ تَخْفِقُ عَلَيْهَا أَعْلَامُ الْيَأْسِ وَالشِّدَّةِ. وَكُلُّ ذَلِكَ كَانَ خَيَالًا، فَقَدْ أَنْفَذَ الرُّبَّانُ زَوْرَقًا صَارَ يَنْهَبُ الْبَحْرَ إِنْجَادًا لِلْبَائِسِينَ.
فَلَمَّا اقْتَرَبَ مِنْهُمْ، رَأَى مَنْ فِيهِ مِنَ الْعَسَاكِرِ وَالضُّبَّاطِ أَكْدَاسًا مِنَ النَّاسِ يَمُوجُونَ وَيَمُدُّونَ أَيْدِيَهُمْ، وَسَمِعُوا ضَجِيجًا مُبْهَمًا يَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهٍ عَدِيدَةٍ حَتَّى إِذَا بَلَغُوا الْمَرْئِيَ وَجَدُوهُ أَغْصَانَ أَشْجَارٍ مُغَطَّاةٍ بِأَوْرَاقٍ قُطِعَتْ مِنَ الشَّاطِئِ الْقَرِيبِ. وَإِذْ تَجَلَّتِ الْحَقِيقَةُ غَابَ الْخَيَالُ.
هَذَا الْمِثَالُ يُوَضِّحُ لَنَا عَمَلَ الْخَيَالِ الَّذِي يَتَوَلَّدُ عَنِ الْجَمَاعَةِ بِحَالٍ لَا تَحْتَمِلُ الشَّكَّ، وَلَا الْإِبْهَامَ كَمَا قَرَّرْنَاهُ مِنْ قَبْلُ. فَهُنَا جَمَاعَةٌ فِي حَالَةِ الِانْتِظَارِ وَالِاسْتِعْدَادِ، وَهُنَاكَ رَائِدٌ يُشِيرُ إِلَى وُجُودِ مَرْكَبٍ حَفَّهُ الْخَطَرُ وَسَطَ الْمَاءِ، فَذَلِكَ مُؤَثِّرٌ سَرَتْ عَدْوَاهُ، فَتَلَقَّاهُ كُلُّ مَنْ فِي الْبَاخِرَةِ مِنْ عَسَاكِرَ وَضُبَّاطٍ بِالْقَبُولِ وَالْإِذْعَانِ.
ثُمَّ بَيَّنَ الْمُؤَلِّفُ أَنَّ مِثْلَ هَذَا الِانْخِدَاعِ يَقَعُ لِلْجَمَاعَاتِ الْمُؤَلَّفَةِ مِنَ الْعُلَمَاءِ، فِيمَا هُوَ بَعِيدٌ عَنِ اخْتِصَاصِهِمُ الْعِلْمِيِّ، وَاسْتَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ بِالْوَاقِعَةِ الْآتِيَةِ:
(قَالَ): وَمِنَ الْأَمْثِلَةِ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ لَنَا (مِسْيُو دَافِي) أَحَدُ عُلَمَاءِ النَّفْسِ الْمُحَقِّقِينَ وَقَدْ نَشَرَتْهُ حَدِيثًا مَجَلَّةُ (أَعْصُرُ الْعُلُومِ النَّفْسِيَّةِ) وَهُوَ: دَعَا (مِسْيُو دَافِي)
جَمَاعَةً مِنْ كِبَارِ أَهْلِ النَّظَرِ؛ مِنْهُمْ عَالِمٌ مِنْ أَشْهَرِ عُلَمَاءِ إِنْكِلْتِرَةَ وَهُوَ (مِسْتَرْ وَلَاسْ) وَقَدَّمَ لَهُمْ أَشْيَاءَ لَمَسُوهَا بِأَيْدِيهِمْ، وَوَضَعُوا عَلَيْهَا خُتُومًا كَمَا شَاءُوا، ثُمَّ أَجْرَى أَمَامَهُمْ جَمِيعَ ظَوَاهِرِ فَنِّ اسْتِخْدَامِ الْأَرْوَاحِ: مِنْ تَجْسِيمِ الْأَرْوَاحِ وَالْكِتَابَةِ عَلَى الْأَلْوَاحِ، حَتَّى كَتَبُوا لَهُ شَهَادَاتٍ قَالُوا فِيهَا: إِنَّ الْمُشَاهَدَاتِ الَّتِي وَقَعَتْ أَمَامَهُمْ، لَا تُنَالُ إِلَّا بِقُوَّةٍ فَوْقَ قُوَّةِ الْبَشَرِ، فَلَمَّا صَارَتِ الشَّهَادَاتُ فِي يَدِهِ بَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ جَمِيعَ مَا عَمِلَهُ شَعْوَذَةٌ بَسِيطَةٌ جِدًّا. قَالَ رَاوِي الْحَادِثَةِ: لَيْسَ الَّذِي يُوجِبُ الدَّهَشَ وَالِاسْتِغْرَابَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُوَ إِبْدَاعُ (دَافِي) وَمَهَارَتُهُ فِي الْحَرَكَاتِ الَّتِي عَمِلَهَا. بَلْ هُوَ ضَعْفُ الشَّهَادَاتِ الَّتِي كَتَبَهَا أُولَئِكَ الْعُلَمَاءُ ثُمَّ اسْتَنْتَجَ الْمُؤَلِّفُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ: إِذَا كَانَ انْخِدَاعُ الْعُلَمَاءِ بِمَا لَا حَقِيقَةَ لَهُ وَاقِعًا فَمَا أَسْهَلَ انْخِدَاعَ الْعَامَّةِ!.
ثُمَّ ذَكَرَ حَادِثَةً وَقَعَتْ فِي أَثْنَاءِ كِتَابَتِهِ لِهَذَا الْبَحْثِ، وَخَاضَتْ فِيهِ جَرَائِدُ بَارِيسَ، وَكَانَ مَنْشَأُ الِانْخِدَاعِ فِيهَا الشَّبَهَ الَّذِي هُوَ مَوْضُوعُ بَحْثِنَا، قَالَ (فِي ص50 مِنَ النُّسْخَةِ الْعَرَبِيَّةِ الْمُتَرْجَمَةِ):
أَنَا أَكْتُبُ هَذِهِ السُّطُورَ، وَالْجَرَائِدُ مَلْأَى بِذِكْرِ غَرَقِ بِنْتَيْنِ صَغِيرَتَيْنِ، وَإِخْرَاجِ جُثَّتَيْهِمَا مِنْ نَهْرِ (السِّينِ) عُرِضَتِ الْجُثَّتَانِ، فَعَرَفَهُمَا بِضْعَةُ عَشَرَ شَخْصًا مَعْرِفَةً مُؤَكَّدَةً، وَاتَّفَقَتْ أَقْوَالُهُمْ فِيهَا اتِّفَاقًا لَمْ يَبْقَ مَعَهُ شَكٌّ فِي نَفْسِ قَاضِي التَّحْقِيقِ فَأَذِنَ بِدَفْنِهِمَا، وَبَيْنَمَا النَّاسُ يَتَأَهَّبُونَ لِذَلِكَ سَاقَ الْقَدْرُ الْبِنْتَيْنِ اللَّتَيْنِ عَرَفَهُمَا الشُّهُودُ بِالْإِجْمَاعِ، وَظَهَرَ أَنَّهُمَا بَاقِيَتَانِ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَفْقُودَتَيْنِ إِلَّا شَبَهٌ بِعِيدٌ جِدًّا، وَالَّذِي وَقَعَ هُوَ عَيْنُ مَا وَقَعَ فِي الْأَمْثِلَةِ الَّتِي سَرَدْنَاهَا: تَخَيَّلَ الشَّاهِدُ الْأَوَّلُ أَنَّ الْغَرِيقَتَيْنِ هُمَا فُلَانَةٌ وَفُلَانَةٌ، فَقَالَ ذَلِكَ، فَسَرَتْ عَدْوَى التَّأْثِيرِ إِلَى الْبَاقِي. اهـ.